خطايه بريئه
انت في الصفحة 227 من 227 صفحات
قلبه
ازيك يا دكتور
فتح خضراويتاه دون أن ينظر لها وابتلع ريقه ثم حرك رأسه ببطء كي يتأكد من صاحبة ذلك الصوت الذي تسلل لقلبه قبل مسامعه لتتجمد نظراته لثوان قبل أن يضع نظارته وكأنه يشكك برؤيته دون أن ينبث ببنت شفة لتبادر هي من جديد
مش هتقولي اتفضلي
تحمحم يجلي صوته وهو يلعن ذلك القلب اللعېن الذي هوى فور رؤيتها وتناسى تجريحها و نفورها لتتجمد ملامحه ويتدارك بثبات انفعالي ويهب من مقعده مرحبا بعملية شديدة
تنهدت وسارت بخطوات وئيدة تجلس في المقعد المواجه لمكتبه وهي لا تعلم ماذا تقول أو من اين تبدأ لتبتلع ريقها وتقول ببسمة متوترة
بتمنى تكون العيادة عجبتك لما استلمتها
سؤالك متأخر تلت شهور يا بشمهندسة ليصمت لهنيهة ويستأنف
على العموم انا بلغت بشمهندسة سارة تبلغك امتناني لمجهودك
اه قالتلي
هز رأسه بثبات وتسأل بعملية وترتها
طيب قوليلي بتشتكي من ايه يا بشمهندسة علشان اقدر افيدك
زادت من فرك يدها متوترة وتلعثمت قائلة
أنا آسفة
تساءل بثبات انفعالي دوما يفحمها به
على ايه
ارتعش فمها من شدة توترها وصدر حديثها متقطع وهي تخبره
انا كنت قليلة الذوق وجرحتك بس أنا
قاطعها ببسمة يبرع دوما في اقتناصها في أشد اوقاته بؤسا
تنهدت واخبرته بنفاذ صبر بعد أن فشلت فشل ذريع في أن تترجم ما بداخلها
نضال متصعبش الموضوع عليا اكتر من كده أنا معرفش انا جيتلك ليه كل اللي أعرفه إني مش عيزاك تسافر لتصمت لبرهة وتستأنف موضحة
اعتلى حاجبيه وباغتها بسؤاله
ليه مش عيزاني اسافر محتاج اجابة واضحة وصريحة لأسبابك
اغمضت عيناها بقوة وقالت وهي تمرر يدها بخصلاتها
البندقية بأنامل مرتعشة
مفيش اسباب غير أن عايزاك جنبي
ابتسم بسخرية مريرة وهز رأسه قائلا وهو يسند جانب وجهه بقبضة يده
استبن يعني مش كده
اغتاظت بشدة من ثباته وسخريته فما كان منها غير أن تهب من جلستها وتنوي المغادرة قائلة
مش هسيبك تهربي قبل ما تكوني واضحة وصريحة مع نفسك قبل مني
تعالت وتيرة انفاسها وشعرت أنها تائهة داخل غابات الزيتون خاصته فور حديثه الذي استأنفه متسائلا وعينه متجمدة على رمادها
اتكلمي يا رهف
اجابته متلعثمة وهي تسحب ذراعها و تشيح بنظراتها وتتقهقر بخطواتها
الفترة اللي بعدت فيها كنت حاسة أني مضايقة ومكنتش فاهمة ليه طالما ده اختياري لكن لما مامتك قالتلي أنك هتسافر حسيت بأحساس غريب مش عارفه افسره ولا فيه مصطلح يتماشى معاه بالنسبالي غير إنك حد مريح و برتاح معاه
عايزاني افضل جنبك بأي صفة!
نظرت لكل شيء عداه واجابته
سميها زي ما تحب بس علشان خاطري خليك ومتسافرش
تنهد وقال بتفهم شديد استغربته
انا مقدر خۏفك يا رهف ومستعد مسافرش ومستعد استنى الباقي من عمري بس اديني أمل
مررت يدها بخصلاتها وقالت بعد أن زفرت انفاسها دفعة واحدة وتقدمت تجلس من جديد
أنامش خاېفة انا مړعوپة يا نضال خاېفة ادي لنفسي فرصة تانية زي ما بتقول أخسر ولادي وابوهم ياخدهم مني لتهز برأسها وكان عقلها يرفض حتى التفكير بالأمر وتستأنف
ولو خسرتهم هحملك أنت الذنب وعمري ما هعرف اسعدك
تقدم لمقعدها ثم جثى مقابل لها يحفزها بنظراته
قولتلك حبي ليك هيقويك انا مستحيل اخليه يعمل كده أنا عارف أن الحضانة هتسقط لو اتجوزتيني بس في قواضي كتير في المحاكم ويمكن مش كلها اللي بتقدر الأم تحتفظ بالحضانة بس أنا وانت مش هنيأس لو حكمت هروح لغاية عنده وهنفذله أي طلب يطلبه علشان ميحرمكيش منهم وهخليه يتأكد بنفسه إني هبقى أمين عليهم وهقدرهم ولادي اللي ربنا ما اردش يرزقني بيهم انا هعرف اقدر النعمة كويس يا رهف علشان جربت ۏجع إني اتحرمت منها
قال آخر جملة بعيون غائمة تنم عن صدق حديثه الذي رغم انها استشعرته إلا أنها تخوفت قائلة
طيب وافرض
قاطع سيل مخاوفها وطمئنها بتفاؤل و بإيمان قوي
سيبيها على ربنا ومتقدريش البلا قبل وقوعه وخليك متأكده و واثقة فيا أن مهما حصل مستحيل هتخلى عنك او عن ولادك
هزت رأسها باقتناع ومنحته الأمل ببسمة هادئة لفحت قلبه وجمدت انفاسه من روعة ربيعها لتتسع بسمته شيء فشيء ويتنهد تنهيدات متتالية تدل على فرحة ذلك القلب الذي لطالما مال لها وأخذ دفعة للأمام بطريقها ورغم تلك التعثرات التي تنتظره يقسم أنه سيصمد وسيفعل المستحيل من اجلها ومن اجل ابنائها فلن يفوت تلك الفرصة الذهبية الأخيرة دون أن يحظى بقلبها قبل قربها.
أصر أن ترتدي ذلك الثوب الذي جلبه لها يتناسب مع جسدها ومع ذلك البروز الطفيف ببطنها و وعدها أن يصطحبها بسهرة لن تنسى وكما توقعت
توقف بسيارته أمام مطعمه وماإن ترجل من السيارة الټفت لبابها وقام بفتحه لها بطريقة
مسرحية مادد يده لها وكأنه أمير هارب من احد اساطير القديمة ويصحب اميرته لتتويجها فكانت تبتسم باتساع وهي تضع يدها بين راحته وتنزل بتأني من السيارة لينحني هو ونظراته متعلقة بها ومن ثم يعلقها بذراعه ويتقدم بها وحين وقفت على بعد خطوات من ساحة مطعمه الخارجية و استغربت تلك البالونات البيضاء التى تغطي أرضها بالكامل معادا ذلك الممر الطويل المزين بالورود ويحاوطه من كل جانب شموع مشټعلة وممتدة لمرمى بصرها
جعدت حاجبيها متسائلة
ايه ده يا يامن انت عملت كده علشاني
غمز لها وحمسها قائلا
تعالي بس ده انا لسه هبهرك
ايه ده دول كلهم هنا!
قالتها ببسمة فرحة واسعة ليهز رأسه ويجيبها بنظرات حانية
جمعتهم كلهم علشان اعوض فرحتك اللي اتنازلتي عنها هنحتفل بس بطريقتنا وهنغني ونرقص للصبح
وفور نطقه بأخر جملة انطلق في السماء العاب ڼارية ملونة استحوذت على نظراتها و خطفت انفاس الجميع واولهم انفاسها فكانت تنطلق بصخب مبهج وكأنها تزف سعادتها وتخلد تلك الذكرى بأعماقها فقد هللت ببسمة تكاد تشق وجهها وهي تعانق كلتا يديها بخاصته
الله تجنن تجنن تجنن
ربنا يخليك ليا يا يامن انا مبسوطة اوي
ربنا يقدرني وابسطك علطول يا قلب وروح يامن
ويقدرني و اعوضك يا حبيبي عن كل اللي فات
تنهد كل منهم تنهيدة حالمة لحين غمز لها كي ينضموا لهم فكانوا الجميع حاضرون وأولهم ثريا ونغم و شهد وطمطم وكاظم وسنا وميرال ومحمد وقمر وحامد وحتى خالها سعيد وزوجته هانم فقد حضروا جميعهم لمشاركتهم سعادتهم.
وإن قاموا بمباركتها همس محمد بضجر
وهو يميل على أذن ميرال
نص ساعة ونمشي انا عريس جديد ومضمنش نفسي قدام الناس اكتر من كده
شهقت ميرال ونكزته برفق وعقبت على جرأته الغريبة منذ زواجها
بقالنا شهور عرسان ياحمود وعلى فكرة الجواز غيرك اوي ارجع مؤدب لو سمحت
ابتسم ساخرا ثم قال متحسرا وهو يضرب كف بأخر
مؤدب وماله حاضر هو انا كان قلبي حاسس أن الجوازة دي منظورة من اولها
ابتسمت هي ونهضت ل نادين وتتشارك معها هي ونغم وشهد وقمر الهمسات النسائية التي تعبر عن سعادة كل منهم فقد كانت البسمة طوال الحديث لم تفارق وجوههم.
وفي تلك الأثناء اتى هو برفقة أطفاله وتقدم من يامن مباركا
مبروك يا صاحبي
الټفت يامن له وهدر بنفس جملته يقصد زيجته الجديدة
ومبروك ليك أنت كمان يا صاحبي
زفر حسن وقال ساخطا وهو يتذكر نكبته التي أوقع ذاته بها
مبروك ايه والنبي متفكرني ده انا بضړب نفسي مېت جزمة بس خلاص مفيش مفر والهانم حامل لأ وكمان قرفاني ومطلعة البلا عليا
قهقه يامن ونكزه قائلا بتشفي نابع من عدم رضاه عن افعالها المخزية
مش خسارة في طيبة قلبك والله ده ذنب رهف
لكزه حسن بكتفه وعقب بغيظ
رغم انك رخم على رأي مراتك بس إن جيت للحق أنا ظلمتها لما قولت عليها قليلة الاصل بصراحة وقفتها معايا بمېت راجل وخلتني أحس أن أد ايه كنت غبي لما خسرتها
تدخلت ثريا هنا وهي تقترب منهم
من ناحية الغباء فأنت طمعت فيه لوحدك بس هنعمل ايه ربنا يصلح حالك
آمن على دعائها لترحب بصغاره ببسمة حانية وهي تعانقهم
وحشتوني ياولاد كويس انكم جيتوا مع ابوكم
اخبرها شريف
مامي هي اللي قالت لنا نيجي مع بابي علشان نشوفك يا تيتة ونطمن على عمو يامن
انحني يامن
حبايب عمو يامن انا اصلا كنت هزعل لو مجتوش
لتنظر ثريا ل حسن وتقول ببسمة حانية
ايوة كده ريحوا قلبي وخلوا الشمل يتلم
تنهد حسن واقترب ثم تحسر بنبرة نادمة لطالما تخص حديثه عنها رغم هدمه بغبائه لكل سبلها
مش هنفترق تاني يا خالتي بس كان نفسي رهف تبقى معانا
تنهدت ثريا واخبرته
كلمتها ومرضتش تيجي علشان متشوفش وش مراتك الجديدة
لتضيق عيناها وتضيف متسائلة
قولي هي مجاتش ليه معاك
زاغت نظراته وتستر على رفض سميرة وتسلط لسانها التي اغدقته به حين ألح عليها أن ترافقه
اصلها مش بتحب الدوشة والحمل في اوله و تاعبها ياخالتي
عارف ان اعتذاري اتأخر بس آسف على اللي قولته انا اعصابي كانت بايظة من خۏفي عليه وقتها
لتتدخل ثريا راجية
حقك عليا انا يا بنتي انا عارفة انه غبي ومتسرع وبيحدف دبش بس صدقيني اتكلم كده من خوفه على يامن
رغم أن خالته شتمته لتوها إلا انه رد وكأنه يشعر بالفخر من طباعه المنفرة
والله ما حد فاهمني غيرك يا خالتي.
تنهدت و تناوبت النظرات بينهم لثوان قبل أن تقول
انا هسامحك علشان خاطر ماما ثريا
ربتت ثريا على ظهرها وقالت داعية
ربنا يخليك يا بنتي
ويخليك لينا يا ماما ثريا وميحرمناش منك ابدا
ثم بدأت السهرة التي كانت مبهجة صاخبة راقصة مفعمة بالمحبة ومترابطة لحد كبير فكل منهم كفر عن خطيئته ونال ما يستحقه من الألم ولكن دائما عوض الله جميل.
تمت بحمد الله